القرضاوى ناظر المدرسه الاخوانيه


تَدين الصحوة الإسلامية في السبعينيات بالفضل لعددٍ من الشيوخ والرواد في مقدمتهم الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله- والأستاذ عمر التلمساني والشيخ الجليل يوسف القرضاوي أمَدَّ الله في عمره.

تلك الصحوة التي تُعد بحق الإحياء الثاني لما بدأهُ المصلحون الأولون مثل محمد بن عبد الوهاب والمهدي في السودان، وابن باديس وحسن البنا والسباعي والمودودي، وبطبيعة الحال نتيجةً لجهود الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وغيرهم، وإذا كان الدكتور العلامة الشيخ القرضاوي قد ذكر أن شباب الجامعة هم الذين بدأوا بالصحوة، وهم الذين قادوها، ولا يستطيع أحدٌ أن يدَّعي أنه قام بالصحوة، لا الإخوان ولا غيرهم، ولكنها كانت انفجارًا صنعه الله، بدأت بشباب الجامعات في كليات القمة، وحتى الأزهر تأخَّر عن هذا، بل وحين بدأت الصحوة في الأزهر لم تبدأ في الكليات الشرعية، وإنما بدأت في كليات القمة أيضًا، فكانت الريادة لهؤلاء الشباب.


إلا أن ما لم يذكره الشيخ الجليل هو: أن هؤلاء الشباب حين قاموا بصحوتهم- ومن فضل الله عليَّ أن كنتُ أحدهم- كانوا يتطلعون إلى شيوخٍ وروادٍ يشيرون عليهم بالأصوب والأحسن والأسلم، وكان الشيخ القرضاوي هو أحد أهم وأعظم هؤلاء الرواد إن لم يكن أهمهم على الإطلاق، وكانت أعظم إشاراتهم هي الإشارة إلى وسطية الإسلام، التي كانت مدرسة الإخوان المسلمين تمثل تجسيدها الفكري والحركي واستطاعت من خلاله الصحوة الإسلامية في السبعينيات أن تتحرك بين الناس، وتُعبِّر عن نفسها وعمَّا تحمله من أفكار.


كانت الصحوة الإسلامية في هذه الفترة صحوة عقولٍ وأفكار يكتنِفُها بعض الغموض، وصحوة قلوبٍ ومشاعر وحماسة هائلة للدين، وصحوة اهتمام بقضايا العالم الإسلامي وصحوة إرادة وعزيمة، وصحوة عملٍ وسلوك مَثَّل القرضاوي لنا مدرسة الوسطية الإسلامية في أجمل معانيها؛ تلك الوسطية التي تعني الوسط بين النقيضين التَّشدُد الديني من ناحية والعلمانية الغربية من ناحيةٍ أخرى.


وممَّا دفع أبناء الصحوة الإسلامية إلى التعلُق والارتباط بالشيخ القرضاوي هو: أنه كان وما زال نموذجًا للعالِم المجاهد المدافع الصلب عمَّا يؤمن به ويراه حقًّا يعيش هموم المسلمين وقضاياهم مهما كلَّفهُ ذلك من تبعاتٍ وردود أفعال؛ فالمتعصبون يرفضون آراءه ويَعتبرونه (مُترخِصًا)، والصَّهاينة وبعض الدوائر الغربية ترى فيه العدو الأول للصهيونية، مُتشددًا ومُتعصبًا، ومن أكثر العلماء تحريضًا ضِد الصهيونية؛ وكذلك تراه غير مُرحبٍ به في بعض الدول العربية والإسلامية.


كل هذه المتناقضات تِجاهه تؤكد أن هذا الرجل على الطريق الصحيح، ويُمثِّل الوسطية التي يرفضها المتعصبون والعلمانيون، وفي المقابل فله في قلوب الملايين من المسلمين في أقطار الأرض كل تقديرٍ واحترامٍ ومحبة.


مكتبــــــة الدعـــــوة و التغييــــر

0 التعليقات:

إرسال تعليق